فأما إنْ كانت همةُ السامع مصروفةً عند سماعِ الأمر والنهي إلى فرض أمورٍ قد

تقع، وقد لا تقع، فإنَّ هذا مما يدخل في النَّهي، ويثبِّطُ عنِ الجد في متابعة الأمر. وقد سألَ رجلٌ ابنَ عمر عن استلام الحجر، فقال له: رأيتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يستلمه ويقبِّلُه، فقال له الرجل: أرأيتَ إنْ غُلِبْتُ عليه؟ أرأيت إنْ زُوحِمْتُ؟ فقالَ لهُ ابن عمر: اجعل ((أرأيت)) باليمن، رأيتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يستلِمُه ويقبِّلُه. خرَّجه الترمذي (?) .

ومرادُ ابن عمر أنَّه لا يكن لك همٌّ إلا في الاقتداء بالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا حاجةَ إلى فرضِ العجزِ عنْ ذلك أو تعسُّره قبلَ وقوعه؛ فإنَّه قد يفتُرُ العزمُ على التَّصميم على المتابعة، فإنَّ التَّفقُّهَ في الدِّين، والسُّؤالَ عن العِلم إنَّما يُحمَدُ إذا كان للعمل، لا لِلمراءِ والجدال.

وقد روي عن عليٍّ - رضي الله عنه - أنَّه ذكر فتناً تكونُ في آخر الزَّمان، فقال له عمر: متَى ذلك يا عليُّ؟ قال: إذا تُفُقِّه لغير الدين، وتُعُلِّم لغير العمل، والتمست الدنيا بعمل (?) الآخرة (?) .

وعن ابن مسعود أنَّه قال: كيف بكم إذا لَبِستكم فتنةٌ يربو فيها الصغيرُ، ويَهْرَمُ فيها الكبيرُ، وتُتَّخَذُ سُنةً، فإنْ غيرت يوماً قيل: هذا منكر؟ قالوا: ومتى ذَلِكَ؟ قال: إذا قلَّت أمناؤكم، وكثرت أمراؤُكم، وقلَّت فقهاؤُكم، وكثر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015