ولم يكن النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُرخِّصُ في المسائل إلاَّ للأعرابِ ونحوهم من الوُفود القادمين
عليه، يتألَّفهم بذلك، فأمَّا المهاجرون والأنصار المقيمون بالمدينة الذين رَسَخَ الإيمانُ في قلوبهم، فنُهُوا عَنِ المسألة، كما في " صحيح مسلم " (?) عن النَّوَّاس بن سمعان، قال: أقمتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة سنة ما يمنعني منَ الهجرة إلاَّ المسألةُ، كان أحدُنا إذا هاجر لم يسأل النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -.
وفيه أيضا عن أنسٍ، قال: نُهينا أنْ نسألَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيءٍ، فكان يُعجِبُنا أنْ يجيءَ الرجلُ من أهل البادية العاقل، فيسأله ونحنُ نَسْمَعُ (?) .
وفي " المسند " (?) عن أبي أُمامة قال: كان الله قد أنزل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُم} (?) قال: فكنَّا قد كرهنا كثيراً مِنْ مسألته، واتَّقينا ذلك حين أنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم -، قال: فأتينا أعرابياً، فرشوناه بُرداً، ثمَّ قلنا له: سلِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وذكر حديثاً.
وفي "مسند أبي يعلى" (?) عن البراء بنِ عازب، قال (?) : إنْ كان لتأتي عليَّ السنةُ أريد أنْ أسألَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيءٍ، فأتهيب منه، وإنْ كنَّا لنتمنَّى الأعرابَ.