المسلم أنْ ينصحَ له إذا غابَ)) (?)
ومعنى ذلك: أنَّه إذا ذكر في غيبه بالسوء أنْ ينصره، ويرد عنه، وإذا رأى من يريد أذاه في غيبه، كفه عن ذلك، فإنَّ النصح في الغيب يدلُّ على صدق النصح، فإنَّه قد يظهر النصحَ في حضوره تملقاً، ويغشه في غيبه.
وقال الحسن: إنَّك لن تَبْلُغ حقَّ نصيحتك لأخيك حتى تأمره بما تَعْجَزُ عنه.
قال الحسن: وقال بعضُ أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده إنْ شئتم لأقسمنَّ لكم بالله إنَّ أحبَّ عبادِ الله إلى الله الذين يُحببون الله إلى عباده ويُحببون عباد الله إلى الله، ويسعون في الأرض بالنصيحة (?) .
وقال فرقد السَّبَخِيُّ: قرأتُ في بعض الكتب: المحبُّ لله - عز وجل - أميرٌ مُؤَمَّرٌ على الأمراء، زمرتُه أوَّلُ الزمر يومَ القيامة، ومجلسُه أقربُ المجالس فيما هناك والمحبةُ
منتهى القربة والاجتهاد، ولن يسأَمَ المحبون من طول اجتهادهم لله - عز وجل -، يحبُّونه ويُحِبُّونَ ذكره، ويُحبِّبونه إلى خلقه، يمشون بَيْنَ عباده بالنصائح، ويخافون عليهم من أعمالهم يومَ تبدو الفضائح، أولئك أولياءُ الله وأحبَّاؤه وأهلُ (?) صفوته، أولئك الذين لا راحةَ لهم دونَ لقائه.
وقال ابنُ عُلَيَّةَ في قول أبي بكر المزني: ما فاق أبو بكر - رضي الله عنه - أصحاب
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصومٍ ولا صلاةٍ، ولكن بشيء كان في قلبه، قال: الذي كان في قلبه الحبُّ لله - عز وجل -، والنصيحة في خلقه.
وقال الفضيلُ بن عياض: ما أدركَ عندنا مَنْ أدرك بكثرة الصلاة