إيمانُ عبدٍ حتى يستقيمَ قلبُه)) .
والمراد باستقامة إيمانه: استقامةُ أعمال جوارحه، فإنَّ أعمالَ الجوارحِ لا تستقيمُ إلا باستقامة القلب، ومعنى استقامة القلب: أنْ يكونَ ممتلئاً مِنْ محبَّةِ الله (?) ، ومحبَّة طاعته، وكراهة معصيته.
وقال الحسن (?) لرجل: داوِ قلبكَ؛ فإنَّ حاجة الله إلى العباد صلاحُ قلوبهم (?) ، يعني: أنَّ مراده منهم ومطلوبه صلاحُ قلوبهم، فلا صلاحَ للقلوب حتَّى تستقرَّ فيها معرفةُ اللهِ وعظمتُه (?) ومحبَّتُه وخشيتُهُ ومهابتُه ورجاؤهُ والتوكلُ عليهِ، وتمتلئَ مِنْ ذَلِكَ، وهذا هوَ حقيقةُ التوحيد، وهو معنى ((لا إله إلا الله)) ، فلا صلاحَ للقلوب حتَّى يكونَ إلهُها الذي تألَهُه وتعرفه وتحبُّه وتخشاه هوَ الله وحده لا شريكَ لهُ، ولو كانَ في السماوات والأرض إله يُؤَلَّه سوى الله، لفسدت بذلك (?) السماوات والأرض، كما قالَ تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللهُ لَفَسَدَتَا} (?) .
فعلم بذلك أنَّه لا صلاحَ للعالَم العلويِ والسُّفليّ (?) معاً حتى تكونَ حركاتُ أهلها كلُّها لله (?) ، وحركاتُ الجسدِ تابعةً لحركةِ القلب وإرادته، فإنْ كانت حركتُه وإرادتُه لله وحدَه، فقد صَلَحَ وصَلَحَتْ حركاتُ الجسدِ كلِّه (?) ، وإنْ كانت حركةُ القلب وإراداته لغيرِ الله تعالى فسدَ، وفسدت حركاتُ الجسد بحسب فسادِ (?) حركة القلب.
وروى الليثُ، عن مجاهدٍ في قوله تعالى: {لا تُشْرِكوا به شيئاً} (?) قال: لا تحبُّوا غيري.
وفي " صحيح الحاكم " عن عائشة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الشِّركُ