وقال الثوري في الرجل يجد في بيته الأفلُسَ أو الدَّراهِم: أحبُّ إليَّ أنْ يتنزَّه

عنها، يعني: إذا لم يدرِ من أين هي. وكان بعضُ السَّلف لا يأكلُ إلا شيئاً يعلمُ من أينَ هو، ويسأل عنه حتّى يقفَ على أصله. وقد رُويَ في ذلك (?) حديثٌ مرفوعٌ، إلا أنَّ فيه ضعفاً (?) .

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((كالرَّاعي يرعى حولَ الحِمى يُوشِكُ أنْ يرتَعَ فيه، ألا وإنَّ لكلِّ ملكٍ حِمى، وإنَّ حِمى اللهِ محارمه)) : هذا مَثَلٌ ضربه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لمن وقع في الشُّبهات، وأنَّه يقرُب وقوعه في الحرام المحض، وفي بعض الروايات أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال

:

((وسأضرب لذلك مثلاً)) ، ثم ذكر هذا الكلامَ، فجعل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مثلَ المحرمات كالحِمى الذي تحميه الملوكُ، ويمنعون غيرهم من قُربانه، وقد جعل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حول مدينته (?) اثني عشر ميلاً حمى محرَّماً لا يُقطعُ شجرُه ولا يُصادُ صيدُه (?) ، وحمى عمرُ وعثمان أماكنَ ينبت فيها الكلأ لأجل إبل الصدقة (?) .

والله - عز وجل - حمى هذه المحرَّمات، ومنع عباده من قربانها وسمَّاها حدودَه، فقال:

{تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (?) ، وهذا فيه بيان أنَّه حدَّ لهم ما أحلَّ لهم وما حرَّم عليهم، فلا يقربوا الحرامَ، ولا يتعدَّوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015