واختلفت ألفاظُ روايات هذا الحديثِ في ترتيب الكتابة والنفخ، ففي رواية البخاري في " صحيحه " (?) : ((ويبعث إليه الملك فيؤمر بأربع كلماتٍ، ثم ينفخ فيه الروح)) ففي هذه الرواية تصريحٌ بتأخُّر نفخ الرُّوح عن الكتابة، وفي رواية خرّجها البيهقي في كتاب " القدر " (?) : ((ثم يُبعث الملكُ، فينفخ فيه الروحَ، ثُمَّ يُؤْمرُ بأربع كلمات)) ، وهذه الرواية تصرِّحُ بتقدم النفخ على الكتابة، فإما أنْ يكون هذا مِنْ تصرُّف الرُّواة برواياتهم بالمعنى الذي يفهمونه، وإمَّا أنْ يكون المرادُ ترتيب الإخبار فقط، لا ترتيبَ ما أخبر به.
وبكل حالٍ، فحديثُ ابن مسعود يدلُّ على تأخُّرِ نفخِ الرُّوح في الجنين وكتابة الملك لأمره إلى بعد أربعة أشهر حتّى تتمَّ الأربعون الثالثة. فأمَّا نفخُ الرُّوح، فقد روي صريحاً عن الصَّحابة أنَّه إنَّما ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهرٍ، كما دلَّ عليه ظاهرُ حديث ابن مسعود. فروى زيدُ بنُ عليٍّ، عن أبيه، عن عليٍّ، قال: إذا تمَّتِ النُّطفة أربعة أشهر بُعِثَ إليها مَلَكٌ، فنَفَخَ فيها الروح في الظلمات، فذلك قولُه تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ