وقال: ((مَنْ أتى عرَّافاً فصدَّقه بما يقولُ، لم تُقبل له صلاة أربعين
يوماً)) (?) ، وقال: ((أيما عبد أبقَ من مواليه، لم تُقْبَلْ له صلاةٌ)) (?) .
وحديثُ ابنِ عمر يستدلُّ به على أنَّ الاسمَ إذا شمل أشياءَ متعدِّدةً، لم يَلزم زوال الاسم بزوال بعضها، فيبطل بذلك قولُ من قال: إنَّ الإيمانَ لو دخلت فيه الأعمال، للزم أنْ يزولَ بزوالِ عمل مما دخل في مسمَّاه، فإنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جعل هذه الخمسَ دعائمَ الإسلامِ ومبانيه، وفسر بها الإسلام في حديث جبريل (?) ، وفي حديث طلحة ابن عُبيد الله الذي فيه أنَّ أعرابياً سأل النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عنِ الإسلام، ففسره له بهذه الخمس (?) .
ومع هذا فالمخالفون في الإيمان يقولون: لو زال من الإسلام خَصلةٌ واحدةٌ، أو أربع خصالٍ سوى الشهادتين، لم يخرج بذلك من الإسلام. وقد روى بعضهم: أنَّ جبريلَ - عليه السلام - سأل النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن شرائع الإسلام، لا عن الإسلام، وهذه اللفظة لم تصحَّ عندَ أئمَّة الحديث ونُقَّاده، منهم: أبو زُرعة الرازي، ومسلم بن الحجاج (?) ، وأبو جعفر العُقيلي وغيرُهم.
وقد ضرب العلماءُ مثل الإيمان بمثلِ (?) شجرة لها أصلٌ وفروعٌ وشُعَبٌ، فاسمُ الشَّجرةِ يَشمَلُ ذلك كله، ولو زال شيءٌ من شُعَبها وفروعها، لم يزُل عنها اسمُ الشجرة، وإنَّما يُقال: هي شجرة ناقصةٌ، أو غيرُها أتمُّ منها.
وقد ضربَ الله مثلَ الإيمان بذلك في قوله تعالى: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} (?) .