وقد رُوي هذا الحديثُ من حديث ابنِ عمر عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (?) ، ولكن في إسناده من لا يُعرف حاله. قاله أبو حاتم الرازي (?) .
وهذا الحديثُ أصل (?) في التوكُّل، وأنَّه من أعظم الأسباب التي يُستجلب بها الرزقُ، قال الله - عز وجل -: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (?) ، وقد قرأ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية على أبي ذرٍّ، وقال له: ((لو أنَّ الناسَ كُلَّهم أخَذوا بها لَكَفتهم)) (?) يعني: لو أنهم حقَّقوا التَّقوى والتوكل؛ لاكتَفَوا بذلك في مصالح دينهم ودنياهم. وقد سبق الكلامُ على هذا المعنى في شرح حديثِ ابن عباس: ((احفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ)) (?) .
قال بعضُ السلف: بِحَسبِكَ من التوسل إليه أن يَعلَمَ من قلبك حُسنَ توكُّلك
عليه، فكم من عبدٍ من عباده قد فوَّضَ إليه أمره، فكفاه منه ما أهمّه (?) ، ثم قرأ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} ، وحقيقة التوكّل: هو صدقُ اعتماد القلب على الله - عز وجل - في استجلاب المصالح، ودفعِ المضارِّ من أمور الدنيا والآخرة كُلِّها، وكِلَةُ الأمور كلّها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يُعطي ولا يمنعُ ولا يَضرُّ ولا ينفع سواه.
قال سعيدُ بنُ جبير: التوكل جِماع الإيمان (?) .
وقال وهب بن مُنبِّه: الغاية القصوى التوكل (?) .
قال الحسن: إنَّ توكلَ العبد على ربِّه أنْ يعلمَ أن الله هو ثقته (?) .
وفي حديث ابنِ عباس عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((مَنْ سرَّه أنْ يكونَ أقوى الناس،