ووعدُوه أن يخرُجوا معه في الغزو فأخلفوه، وقد روى محمَّدٌ المُحْرِمُ هذا التأويلَ عن عطاءٍ، وأنَّه قال: حدثني به جابرٌ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وذكر أنَّ الحسنَ رجع إلى
قول عطاء هذا لما بلغه عنه (?) . وهذا كذب، والمحرم شيخ كذابٌ معروف
بالكذب (?) .
وقد رُوي عن عطاء من وجهين آخرين ضعيفين أنَّه أنكر على الحسن قوله: ثلاثٌ من كنَّ فيه، فهو منافق، وقال: قد حدَّث إخوةُ يوسف فكذبوا، ووعدوا فأخلفوا، وائتمنوا فخانوا ولم يكونوا منافقين (?) ، وهذا لا يصح عن عطاء، والحسن لم يقل هذا من عنده وإنَّما بلغه عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فالحديث ثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - لا شكَّ في ثبوته وصحته والذي فسره به أهلُ العلم المعتبرون أنَّ النفاقَ في اللغة هو من جنس الخداع والمكر وإظهار الخير، وإبطان خلافه، وهو في الشرع ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: النفاقُ الأكبرُ، وهو أنْ يظهر الإنسانُ الإيمانَ بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويُبطن ما يُناقض ذلك كلَّه أو بعضه، وهذا هو النِّفاق الذي كان على عهد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ونزل القرآن بذمِّ أهله وتكفيرهم، وأخبر أنَّ أهله في الدَّرْكِ الأسفل من النار (?) .
والثاني: النفاق الأصغر، وهو نفاق العمل (?) ، وهو أنْ يُظهر الإنسانُ علانيةً
صالحةً، ويُبطن ما يُخالف ذلك.
وأصولُ هذا النفاق ترجع إلى الخصال المذكورة في هذه الأحاديث، وهي خمسة:
أحدها: أن يُحدِّث بحديث لمن يصدِّقه به وهو كاذب له، وفي " المسند " (?) عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((كَبُرَت خيانةً أنْ تحدِّث أخاك حديثاً هو لك