إنَّما حرِّمت لِما فيها مِنَ الشِّدَّةِ المطرِبَة، ولا اطراب في البنج ونحوه ولا شدَّة.
فعلى قولِ الأكثرين: لو تناول ذلك لِغير حاجة، وسكر به، فطلَّق، فحكمُ طلاقه حكمُ طلاق السَّكران، قاله أكثرُ أصحابنا كابن حامد والقاضي، وأصحاب الشافعي، وقالت الحنفية: لا يقعُ طلاقه، وعلَّلوا بأنَّه ليس فيه لذَّة، وهذا يدلُّ على أنَّهم لم يُحرِّموه. وقالت الشافعية: هو محرَّم، وفي وقوع الطلاق معه وجهان، وظاهرُ كلام أحمد أنّه لا يقعُ طلاقُه بخلافِ السَّكران، وتأوله القاضي، وقال: إنَّما قال ذلك إلزاماً للحنفية، لا اعتقاداً له، وسياق كلامه محتمل لذلك (?) .
وأمَّا الحدُّ، فإنَّما يجبُ بتناول ما فيه شِدَّة وطربٌ مِنَ المسكراتِ؛ لأنّه هو الذي تدعو النفوس إليه، فجُعِلَ الحدُّ زاجراً عنه.
فأمَّا ما فيه سكرٌ بغيرِ طربٍ ولا لذَّة، فليس فيه سوى التعزير؛ لأنَّه ليس في النفوس داع إليه حتّى يحتاج إلى حدٍّ مقدَّر زاجرٍ عنه، فهو كأكل الميتة ولحم الخنزير، وشرب الدم.
وأكثرُ العلماء الذين يرونَ تحريمَ قليلِ ما أسكر كثيرُه يرونَ حدَّ مَنْ شربَ
ما يُسكر كثيره، وإنِ اعتقد حِلَّه متأولاً، وهو قولُ الشافعي وأحمد، خلافاً لأبي ثور، فإنَّه قال: لا يحدُّ لتأوُّله، فهو كالنَّاكح بلا وليٍّ. وفي حدِّ الناكح بلا
وليٍّ خلاف أيضاً، ولكنَّ الصحيح أنَّه لا يُحَدُّ،