وسئل ابن عباس عن رجل له جاريتان، أرضعت إحداهما جاريةً والأُخرى غلاماً أيحلُّ للغلام أنْ يتزوَّج الجارية، فقال: لا، اللقاحُ واحد (?) .
ولو كان اللبن الذي ارتضع به الطفلُ قد ثاب للمرأة من غير وطءِ فَحلٍ بأنْ تكون امرأة لا زوجَ لها قد ثاب لها لبن أو هي بكرٌ أو آيسةٌ، فأكثرُ العلماء على أنّه يحرم الرضاعُ به، وتصيرُ المرضعةُ أُمّاً للطفل، وقد حكاه ابن المنذر إجماعاً عمن يُحفظ عنه من أهل العلم، وهو قولُ أبي حنيفة ومالك والشافعي وإسحاق
وغيرهم (?) .
وذهب الإمامُ أحمد في المشهور المنصوص عنه إلى أنَّه لا ينتشِرُ التَّحريمُ به بحالٍ حتى يكونَ له فحلٌ يدرُّ اللبن من رضاعه. وحُكي للشَّافعيِّ قولٌ مثله (?) .
ولو انقطع نسبه من جهة صاحبِ اللبن، كولد الزِّنى، فهل تَنْتَشر الحرمة إلى الزاني صاحب اللبن؟ هذا ينبني على أنَّ البنتَ من الزنى هل تحرم على الزَّاني؟ ومذهبُ أبي حنيفة وأحمد ومالك في رواية عنه تحريمها عليه خلافاً للشافعي، وبالغ الإمام أحمد في الإنكار على من خالف في ذلك، فعلى قولهم: هل ينتشر التَّحريمُ إلى الزاني صاحب اللبن، فيكون أباً للمرتضع أم لا؟ فيه قولان هما وجهان
لأصحابنا (?) ، واختار ابنُ حامد أنَّ التحريمَ لا ينتشرُ إليه، واختار أبو بكر، والقاضي أبو يعلى أنَّ التَّحريم ينتشر إلى الزاني، وهو نصُّ أحمد، وحكاه عن ابنِ عباس، وهو قول إسحاق بن راهويه، نقله عنه حرب.