ومنهم من شرَّك بَينَ الإخوة والجدِّ وهو قولُ كثيرٍ من الصحابة، وأكثرُ الفقهاء بعدهم على اختلاف طويل بينهم في كيفية التشريك بينهم في الميراث، وكان مِنَ السَّلف مَنْ يتوقَّف في حكمهم ولا يُجيب فيهم بشيءٍ؛ لاشتباه أمرهم وإشكاله، ولولا خشيةُ الإطالة لبسطنا القولَ في هذه المسألة، ولكن ذلك يؤدِّي إلى الإطالة جداً.
وأما حكمُ ميراث الإخوة للأبوين أو للأب، فقد ذكره الله تعالى في آخر سورة النساء في قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ
هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} (?) والكَلالةُ مأخوذة من تكلُّلِ النسب وإحاطته بالميت (?) ، وذلك يقتضي انتفاءَ الانتساب مطلقاً من العمودين الأعلى والأسفل، وتنصيصُه تعالى على انتفاء الولد تنبيهٌ على انتفاء الوالد بطريق الأولى؛ لأنَّ انتسابَ الولد إلى والده أظهرُ من انتسابه إلى ولده، فكان ذكرُ عدم الولد تنبيهاً على عدم الوالد بطريق الأولى، وقد قال أبو بكر الصديق: الكلالةُ: مَنْ لا وَلَدَ له ولا والد (?) ، وتابعه جمهورُ الصحابة والعلماء بعدهم، وقد رُوي ذلك مرفوعاً من مراسيل أبي سلمة بن عبد الرحمان، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، خرَّجه أبو داود في " المراسيل " (?) ، وخرَّجه الحاكم (?) من روايةٍ عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً، وصححه،