وإنْ لم يكن معه إلا ابنة واحدة، فله الثلثان ولها الثلث، وقد سمَّى الله ما يستحقه الذكرُ حظَّ الأنثيين مطلقاً، وليس الثلثان حظّ الأنثيين في حال اجتماعهما مع الذكر؛ لأنَّ حظَّهما حينئذ النِّصفُ، فتعيَّن أنْ يكونَ الثُّلثان حظهما حالَ الانفراد.
وبقي هاهنا قسمٌ ثالث لم يُصرِّح القرآنُ بذكره، وهو حكمُ انفراد الذكور من الولد، وهذا مما يُمكن إدخاله في حديث ابن عباس: ((فما بقي فلأَوْلى رجلٍ ذكرٍ)) ، فإنَّ هذا القسم قد بقي ولم يُصرَّح بحكمه في القرآن، فيكون المالُ حينئذ لأقرب الذكور مِنَ الولد والأمرُ على هذا، فإنَّه لو اجتمع ابنٌ وابنُ ابنٍ، لكان المال كُلُّه للابن، ولو كان ابنُ ابنٍ وابنُ ابنِ ابنٍ، لكان المال كلُّه لابنِ الابن على مقتضى حديث ابن عباس، والله أعلم (?) .
ثم ذكر تعالى حُكم ميراث الأبوين، فقال: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} (?) ، فهذا حكم ميراث الأبوين إذا كان الولد المتوفَّى ولد، وسواءٌ في الولد الذكر والأنثى، وسواء فيه ولدُ الصُّلب وولدُ الابن، هذا كالإجماع من العلماء وقد حكى بعضهم عن مجاهدٍ فيه خلافاً، فمتى كان للميت ولدٌ، أو ولدُ ابن، وله أبوان، فلكلِّ واحدٍ من أبويه السدسُ فرضاً، ثم إنْ كان الولد ذكراً، فالباقي بعد سدسي الأبوين له، وربما دخل هذا في قوله - صلى الله عليه وسلم -
: ((ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي، فلأوْلَى رجل ذكر)) .