فرض بدونه أو لم يكن، ولا يُعصِّبُ من أعلى منه من الإناث إلاَّ بشرط أنْ لا يكون لها فرضٌ بدونه، ولا يُعصب من أسفلَ منه بكلِّ حالٍ.
ثم قال تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} (?) . فهذا حكمُ انفرادِ الإناث من الأولاد أنَّ للواحدة
النصفَ، ولِما فوقَ الاثنتين الثلثان، ويدخلُ في ذلك بناتُ الصلب وبناتُ الابن عند عدمهن، فإنِ اجتمعنَ، فإنِ استكملَ بناتُ الصلب الثلثين، فلا شيءَ لبنات الابن المنفردات، وإنْ لم يستكمل البناتُ الثُّلثين، بل كان ولدُ الصلب بنتاً واحدة، ومعها بناتُ ابنِ، فللبنتِ النِّصفُ، ولبناتِ الابن السدسُ تكملةَ الثلثين؛ لئلا يزيدَ فرضُ البنات على الثلثين، وبهذا قضى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن مسعود الذي تقدم ذكرُه، وهو قولُ عامَّة العلماء، إلا ما رُوي عن ابن مسعود وسلمان بن ربيعة: أنَّه لا شيءَ لبناتِ الابن، وقد رجع أبو موسى إلى قول ابن مسعود لمَّا بلغه قولُه في ذلك (?) .
وإنَّما أشكل على العلماء حكمُ ميراث البنتين، فإنَّ لهما الثلثين بالإجماع كما حكاه ابنُ المنذر (?) وغيره، وما حُكي فيه عن ابن عباس أنَّ لهما النِّصفُ، فقد قيل: إنَّ إسنادَه لا يَصِحُّ، والقرآن يدلُّ على خلافه، حيث قال: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} (?) ، فكيف تُورث أكثر من واحدة النصف؟ وحديثُ ابن مسعود في توريث البنت النصف وبنت الابن السدس تكملة الثلثين يدلُّ على توريث البنتين الثلثين بطريق الأولى.