وكيفَ أرجو إجاباتِ الدُّعاء وقد ... سَدَدْتُ بالذَّنب عندَ الله مَجراها

فأفضل الاستغفار ما اقترن به تركُ الإصرار، وهو حينئذ توبةٌ نصوح، وإنْ قال بلسانه: أستغفر الله وهو غيرُ مقلع بقلبه، فهو داعٍ لله بالمغفرة، كما يقول: اللهمَّ اغفر لي، وهو حسن وقد يُرجى له الإجابة، وأما من قال: توبةُ الكذابين، فمرادُه أنَّه ليس بتوبة، كما يعتقده بعضُ الناس، وهذا حقٌّ، فإنَّ التَّوبةَ لا تكون مَعَ الإصرار.

وإن قال: أستغفر الله وأتوبُ إليه فله حالتان:

إحداهما: أن يكونَ مصرّاً بقلبه على المعصية، فهذا كاذب في قوله:

((وأتوب إليه)) لأنَّه غيرُ تائبٍ، فلا يجوزُ له أن يخبر عن نفسه بأنَّه تائبٌ وهو غير تائب.

والثانية: أنْ يكون مقلعاً عن المعصية بقلبه، فاختلف الناس في جوازِ قوله: وأتوب إليه، فكرهه طائفةٌ من السَّلف، وهو قولُ أصحاب أبي حنيفة حكاه عنهم الطحاوي، وقال الربيع بن خثيم: يكونُ قولُه: ((وأتوب إليه)) كذبةً وذنباً، ولكن ليقل: اللهمَّ تُبْ عليَّ، أو يقول: اللهمَّ إنِّي أستغفرك فتُب عليَّ، وهذا قد يُحمل على من لم يقلع بقلبه وهو بحاله أشبه. وكان محمد بن سوقة يقول في استغفاره: استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم وأسأله توبة نصوحاً.

ورُوي عن حذيفة أنَّه قال: بحسب المرءِ من الكذب أنْ يقول: أستغفر الله، ثم يعود. وسمع مطرِّفٌ رجلاً يقول: أستغفر الله وأتوب إليه، فتغيظ عليه، وقال: لعلك لا تفعل.

وهذا ظاهره يدلُّ على أنَّه إنَّما كره أنْ يقول: وأتوب إليه؛ لأنَّ التوبة النصوحَ أنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015