وقد رُوي أنَّ سعدَ بن أبي وقاص كان يدعو للناس لمعرفتهم له بإجابة دعوته، فقيل له: لو دعوتَ الله لِبصرك، وكان قد أضرَّ، فقال: قضاءُ الله أحبُّ إليَّ من بصري.
وابتلي بعضُهم بالجُذام، فقيل له: بلغنا أنَّك تَعرِفُ اسمَ الله الأعظم، فلو سألته أنْ يَكشِفَ ما بك؟ فقال: يا ابن أخي، إنَّه هو الذي ابتلاني، وأنا أكره أنْ أُرادَّه (?) .
وقيل لإبراهيم التيمي - هو في سجن الحجاج - لو دعوتَ الله تعالى، فقال: أكره أنْ أدعُوَهُ أنْ يُفرِّجَ عنِّي ما لي فيه أجر. وكذلك سعيدُ بنُ جبير صبر على أذى الحجاج حتّى قتله، وكان مجابَ الدعوة؛ كان له ديكٌ يقوم بالليل بصياحه للصلاة فلم يَصِحْ ليلةً في وقته، فلم يقم سعيدٌ للصلاة فشقَّ عليه فقال: ما له؟ قطع الله صوتَه، فما صاح الدِّيكُ بعد ذلك، فقالت له أمه: يا بني لا تَدْعُ بعد هذا على شيءٍ (?) .
وذُكر لرابعة رجلٌ له منْزلةٌ عند الله، وهو يقتاتُ مما يلتقِطُه مِنَ المنبوذات على المزابل، فقال رجل: ما ضرَّ هذا أنْ يدعو الله أنْ يُغنِيَه عن هذا؟ فقالت رابعةُ: إنَّ أولياءَ الله إذا قضي الله لهم قضاءٌ لم يتسخَّطوه.
وكان حيوةُ بنُ شُريح ضيِّقَ العيشِ جداً، فقيل له: لو دعوت الله أنْ يُوسِّعَ
عليك، فأخذ حصاة من الأرض فقال: اللهمَّ اجعلها ذهباً، فصارت تبرةً في كفِّه، وقال: ما خيرٌ في الدُّنيا إلاّ الآخرة، ثم قال: هو أعلم بما يُصلحُ عباده (?) .
وربما دعا المؤمنُ المجابُ الدعوة بما يعلم الله الخِيَرةَ له في غيره، فلا يُجيبه إلى
سؤاله، ويُعوِّضه عنه ما هو خيرٌ له إما في الدنيا أو في الآخرة. وقد تقدم في حديث أنس المرفوع: ((إنَّ الله يقول: إنَّ من عبادي من يسألني باباً