رَجَعَ إِلَى قَوْلِ عَطَاءٍ هَذَا لَمَّا بَلَغَهُ عَنْهُ، وَهَذَا كَذِبٌ، وَالْمُحْرِمُ هَذَا شَيْخٌ كَذَّابٌ مَعْرُوفٌ بِالْكَذِبِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ ضَعِيفَيْنِ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى الْحَسَنِ قَوْلَهُ: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ، وَقَالَ: قَدْ حَدَّثَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَكَذَبُوا، وَوَعَدُوا فَأَخْلَفُوا، وَائْتُمِنُوا فَخَانُوا وَلَمْ يَكُونُوا مُنَافِقِينَ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنُ لَمْ يَقُلْ هَذَا مِنْ عِنْدِهِ وَإِنَّمَا بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَالْحَدِيثُ ثَابِتٌ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا شَكَّ فِي ثُبُوتِهِ وَصِحَّتِهِ، وَالَّذِي فَسَّرَهُ بِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّ النِّفَاقَ فِي اللُّغَةِ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْخِدَاعِ وَالْمَكْرِ وَإِظْهَارِ الْخَيْرِ وَإِبْطَانِ خِلَافِهِ، وَهُوَ فِي الشَّرْعِ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: النِّفَاقُ الْأَكْبَرُ، وَهُوَ أَنْ يُظْهِرَ الْإِنْسَانُ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيُبْطِنَ مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَهَذَا هُوَ النِّفَاقُ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِذَمِّ أَهْلِهِ وَتَكْفِيرِهِمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّ أَهْلَهُ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ. وَالثَّانِي: النِّفَاقُ الْأَصْغَرُ، وَهُوَ نِفَاقُ الْعَمَلِ، وَهُوَ أَنْ يُظْهِرَ الْإِنْسَانُ عَلَانِيَةً صَالِحَةً، وَيُبْطِنَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ. وَأُصُولُ هَذَا النِّفَاقِ تَرْجِعُ إِلَى الْخِصَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يُحَدِّثَ بِحَدِيثٍ لِمَنْ يُصَدِّقُهُ بِهِ وَهُوَ كَاذِبٌ لَهُ، وَفِي " الْمُسْنَدِ "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015