يَأْكُلُ بِأَدَبِ الشَّرْعِ، فَيَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ بِمُقْتَضَى الشَّهْوَةِ وَالشَّرَهِ وَالنَّهَمِ، فَيَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ. وَنَدَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ التَّقَلُّلِ مِنَ الْأَكْلِ وَالِاكْتِفَاءِ بِبَعْضِ الطَّعَامِ إِلَى الْإِيثَارِ بِالْبَاقِي مِنْهُ، فَقَالَ: «طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الثَّلَاثَةَ، وَطَعَامُ الثَّلَاثَةِ يَكْفِي الْأَرْبَعَةَ فَأَحْسَنُ مَا أَكَلَ الْمُؤْمِنُ فِي ثُلُثِ بَطْنِهِ، وَشَرِبَ فِي ثُلُثٍ، وَتَرَكَ لِلنَّفْسِ ثُلُثًا» ، كَمَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الْمِقْدَامِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الشُّرْبِ تَجْلِبُ النَّوْمَ، وَتُفْسِدُ الطَّعَامَ. قَالَ سُفْيَانُ: كُلْ مَا شَئْتَ وَلَا تَشْرَبْ، فَإِذَا لَمْ تَشْرَبْ، لَمْ يَجِئْكَ النَّوْمُ. وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: كَانَ شَبَابٌ يَتَعَبَّدُونَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ فِطْرِهِمْ، قَامَ عَلَيْهِمْ قَائِمٌ فَقَالَ: لَا تَأْكُلُوا كَثِيرًا، فَتَشْرَبُوا كَثِيرًا، فَتَنَامُوا كَثِيرًا، فَتَخْسَرُوا كَثِيرًا. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ يَجُوعُونَ كَثِيرًا، وَيَتَقَلَّلُونَ مِنْ أَكْلِ الشَّهَوَاتِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُودِ الطَّعَامِ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ لَا يَخْتَارُ لِرَسُولِهِ إِلَّا أَكْمَلَ الْأَحْوَالِ وَأَفْضَلَهَا. وَلِهَذَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَشَبَّهُ بِهِمْ فِي ذَلِكَ - مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الطَّعَامِ - وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُوهُ مِنْ قَبْلِهِ.