أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، فَإِذَا نَامَ الْمُؤْمِنُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَمُنَاجَاتِهِ وَدُعَائِهِ، كَانَ نَوْمُهُ عَوْنًا لَهُ عَلَى الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ: إِنِّي أَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي. وَكَذَلِكَ الْمَيْسِرُ يَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ صَاحِبَهُ يَعْكُفُ بِقَلْبِهِ عَلَيْهِ، وَيَشْتَغِلُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ مَصَالِحِهِ وَمُهِمَّاتِهِ حَتَّى لَا يَكَادَ يَذْكُرُهَا لِاسْتِغْرَاقِهِ فِيهِ، وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ لَمَّا مَرَّ عَلَى قَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ؟ فَشَبَّهَهُمْ بِالْعَاكِفِينَ عَلَى التَّمَاثِيلِ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ مُدْمِنَ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ» ، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ قَلْبُهُ بِهَا، فَلَا يَكَادُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَدَعَهَا كَمَا لَا يَدَعُ عَابِدُ الْوَثَنِ عِبَادَتَهُ. وَهَذَا كُلُّهُ مُضَادٌّ لِمَا خَلَقَ اللَّهُ الْعِبَادَ لِأَجْلِهِ مِنْ تَفْرِيغِ قُلُوبِهِمْ لِمَعْرِفَتِهِ، وَمَحَبَّتِهِ، وَخَشْيَتِهِ، وَذِكْرِهِ، وَمُنَاجَاتِهِ، وَدُعَائِهِ، وَالِابْتِهَالِ إِلَيْهِ، فَمَا حَالَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنِ بِالْعَبْدِ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ، بَلْ كَانَ ضَرَرًا مَحْضًا عَلَيْهِ، كَانَ مُحَرَّمًا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لِمَنْ رَآهُمْ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ: مَا لِهَذَا خُلِقْتُمْ. وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمَيْسِرَ مُحَرَّمٌ، سَوَاءٌ كَانَ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَإِنَّ الشِّطْرَنْجَ كَالنَّرْدِ أَوْ شَرٌّ مِنْهُ، لِأَنَّهَا تَشْغَلُ أَصْحَابَهَا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ