الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ " إِنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي مَوْضِعٍ، لِحِفْظِ الْمَتَاعِ، فَهُوَ كَالصَّقْرِ وَالْبَازِيِّ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالْأَسَدِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا، وَهَذِهِ الْمَنْفَعَةُ يَسِيرَةٌ، وَلَيْسَتْ هِيَ الْمَقْصُودَةُ مِنْهُ، فَلَا تُبِيحُ الْبَيْعَ كَمَنَافِعِ الْمَيْتَةِ. وَمِمَّا نُهِيَ عَنْ بَيْعِهِ جِيَفُ الْكُفَّارِ إِذَا قُتِلُوا، خَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأُعْطُوا بِجِيفَتِهِ مَالًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْفَعُوا إِلَيْهِمْ جِيفَتَهُ، فَإِنَّهُ خَبِيثُ الْجِيفَةِ، خَبِيثُ الدِّيَةِ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا» . وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلَفْظُهُ: «إِنَّ الْمُشْرِكِينَ أَرَادُوا أَنْ يَشْتَرُوا جَسَدَ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَبَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَهُمْ» . وَخَرَّجَهُ وَكِيعٌ فِي كِتَابِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا، ثُمَّ قَالَ وَكِيعٌ: الْجِيفَةُ لَا تُبَاعُ. وَقَالَ حَرْبٌ: قُلْتُ لِإِسْحَاقَ: مَا تَقُولُ فِي بَيْعِ جِيَفِ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: لَا. وَرَوَى أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ أَنَّ عَلِيًّا أُتِيَ بِالْمُسْتَوْرِدِ الْعِجْلِيِّ وَقَدْ تَنَصَّرَ، فَاسْتَتَابَهُ فَأَبَى أَنْ يَتُوبَ، فَقَتَلَهُ، فَطَلَبَتِ النَّصَارَى جِيفَتَهُ بِثَلَاثِينَ أَلْفًا، فَأَبَى عَلِيٌّ فَأَحْرَقَهُ.