وَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَقَالَ أَيْضًا: لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيَّ أَنَّ الصَّحِيحَ وَقَفَهُ عَلَى جَابِرٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُخْصَةٌ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ، وَأَشَارَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ، فَظَنَّهُ مِنَ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الِاقْتِنَاءِ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي رِوَايَاتِهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ - كَمَا ظَنَّهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ - فَقَدْ أَخْطَأَ، لِأَنَّ مُسْلِمًا لَمْ يُخَرِّجْ لِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ شَيْئًا، وَقَدْ بَيَّنَ فِي كِتَابِ " التَّمْيِيزِ " أَنَّ رِوَايَاتِهِ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ شُيُوخِهِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ غَيْرُ قَوِيَّةٍ.
فَأَمَّا بَيْعُ الْهِرِّ، فَقَدِ اخْتُلِفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهَتِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَقَالَ: هُوَ أَهْوَنُ مِنْ جُلُودِ السِّبَاعِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَرُخِّصَ فِي بَيْعِ الْهِرِّ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَعَنْ إِسْحَاقَ رِوَايَتَانِ، وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَرِهَ بَيْعَهَا، وَرَخَّصَ فِي شِرَائِهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا. وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُصَحِّحِ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِهَا قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَعْلَمُ فِيهِ شَيْئًا يَثْبُتُ أَوْ يَصِحُّ، وَقَالَ أَيْضًا: الْأَحَادِيثُ فِيهِ مُضْطَرِبَةٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ النَّهْيَ عَلَى مَا لَا نَفْعَ فِيهِ كَالْبَرِّيِّ وَنَحْوِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّمَا نَهَى عَنْ بَيْعِهَا، لِأَنَّهُ دَنَاءَةٌ وَقِلَّةُ مُرُوءَةٍ، لِأَنَّهَا مُتَيَسِّرَةُ