بِأَنَّ أَبَوَيْهِمَا كَانَا أَخَوَيْنِ لَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ. وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَخَوَاتُ الْمُرْضِعَةِ، لِأَنَّهُنَّ خَالَاتُهُ، وَيَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ أَيْضًا إِلَى الْفَحْلِ صَاحِبِ اللَّبَنِ الَّذِي ارْتَضَعَ مِنْهُ الطِّفْلُ، فَيَصِيرُ صَاحِبُ اللَّبَنِ أَبًا لِلطِّفْلِ، وَتَصِيرُ أَوْلَادُهُ كُلُّهُمْ مِنَ الْمُرْضِعَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ إِخْوَةً لِلْمُرْتَضِعِ وَيَصِيرُ إِخْوَتُهُ أَعْمَامًا لِلطِّفْلِ الْمُرْتَضِعِ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ، وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ مَا «رَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ أَبَا الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ، قَالَتْ: فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: ائْذَنِي لَهُ، فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ، وَكَانَ أَبُو الْقُعَيْسِ زَوْجَ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْ عَائِشَةَ» . خَرَّجَاهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " بِمَعْنَاهُ. وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ جَارِيَتَانِ، أَرْضَعَتْ إِحْدَاهُمَا جَارِيَةً وَالْأُخْرَى غُلَامًا أَيَحِلُّ لِلْغُلَامِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْجَارِيَةَ، فَقَالَ: لَا، اللِّقَاحُ وَاحِدٌ. وَلَوْ كَانَ اللَّبَنُ الَّذِي ارْتَضَعَ بِهِ الطِّفْلُ قَدْ ثَابَ لِلْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ وَطْءِ فَحْلٍ بِأَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا قَدْ ثَابَ لَهَا لَبَنٌ أَوْ هِيَ بِكْرٌ أَوْ آيِسَةٌ، فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الرَّضَاعَ بِهِ، وَتَصِيرُ الْمُرْضِعَةُ أُمًّا لِلطِّفْلِ، وَقَدْ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعًا عَمَّنْ يَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَغَيْرِهِمْ. وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمَشْهُورِ الْمَنْصُوصِ عَنْهُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ