وَإِشْكَالِهِ، وَلَوْلَا خَشْيَةُ الْإِطَالَةِ لَبَسَطْنَا الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى الْإِطَالَةِ جِدًّا.
وَأَمَّا حُكْمُ مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ أَوْ لِلْأَبِ، فَقَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] [النِّسَاءِ: 176] وَالْكَلَالَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَكَلُّلِ النَّسَبِ وَإِحَاطَتِهِ بِالْمَيِّتِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ الِانْتِسَابِ مُطْلَقًا مِنَ الْعَمُودَيْنِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ، وَتَنْصِيصُهُ تَعَالَى عَلَى انْتِفَاءِ الْوَالِدِ تَنْبِيهٌ عَلَى انْتِفَاءِ الْوَالِدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، لِأَنَّ انْتِسَابَ الْوَلَدِ إِلَى وَالِدِهِ أَظْهَرُ مِنَ انْتِسَابِهِ إِلَى وَلَدِهِ، فَكَانَ ذِكْرُ عَدَمِ الْوَلَدِ تَنْبِيهًا عَلَى عَدَمِ الْوَالِدِ بِطْرِيقِ الْأَوْلَى، وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: الْكَلَالَةُ: مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ، وَتَابَعَهُ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ بَعْدَهُمْ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا مِنْ مَرَاسِيلِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي " الْمَرَاسِيلِ " وَخَرَّجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، وَصَحَّحَهُ، وَوَصْلُهُ بِذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ ضَعِيفٌ. فَقَوْلُهُ: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] يَعْنِي: إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ بِالْكُلِّيَّةِ لَا ذِكْرَ وَلَا أُنْثَى، فَلِلْأُخْتِ - حِينَئِذٍ - النِّصْفُ مِمَّا تَرَكَ فَرْضًا، وَمَفْهُومُ هَذَا أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَلَيْسَ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ فَرْضًا، ثُمَّ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا، فَهُوَ أَوْلَى بِالْمَالِ كُلِّهِ لِمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ فِي مِيرَاثِ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ إِذَا انْفَرَدُوا، فَإِنَّهُمْ أَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ، وَهُمْ يُسْقِطُونَ الْإِخْوَةَ، فَكَيْفَ لَا يُسْقِطُونَ