قَالَ الشِّبْلِيُّ: مَنْ رَكَنَ إِلَى الدُّنْيَا أَحْرَقَتْهُ بِنَارِهَا، فَصَارَ رَمَادًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ، وَمَنْ رَكَنَ إِلَى الْآخِرَةِ أَحْرَقَتْهُ بِنُورِهَا، فَصَارَ ذَهَبًا أَحْمَرَ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَمَنْ رَكَنَ إِلَى اللَّهِ، أَحْرَقَهُ نُورُ التَّوْحِيدِ، فَصَارَ جَوْهَرًا لَا قِيمَةَ لَهُ. إِذَا عَلِقَتْ نَارُ الْمَحَبَّةِ بِالْقَلْبِ أَحْرَقَتْ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ مَا سِوَى الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ، فَطَهُرَ الْقَلْبُ حِينَئِذٍ مِنَ الْأَغْيَارِ، وَصَلُحَ عَرْشًا لِلتَّوْحِيدِ: «مَا وَسِعَنِي سَمَائِي وَلَا أَرْضِي، وَلَكِنْ وَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ» .
غَصَّنِي الشَّوْقُ إِلَيْهِمْ بِرِيقِي ... فَوَاحَرِيقِي فِي الْهَوَى وَاحَرِيقِي
قَدْ رَمَانِي الْحُبُّ فِي لُجِّ بِحْرٍ ... فَخُذُوا بِاللَّهِ كَفَّ الْغَرِيقِ
حَلَّ عِنْدِي حُبُّكُمْ فِي شِغَافِي ... حَلَّ مِنِّي كُلَّ عَقْدٍ وَثِيقِ
فَهَذَا آخِرُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَنَحْنُ بِعَوْنِ اللَّهِ وَمَشِيئَتِهِ نَذْكُرُ تَتِمَّةَ الْخَمْسِينَ حَدِيثًا مِنَ الْأَحَادِيثِ الْجَامِعَةِ لِأَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَالْآدَابِ وَالْحِكَمِ الْمَوْعُودِ بِهَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقِ لِلصَّوَابِ.