فَمَا دَامَ الْعَبْدُ يُلِحُّ فِي الدُّعَاءِ، وَيَطْمَعُ فِي الْإِجَابَةِ مِنْ غَيْرِ قِطْعِ الرَّجَاءِ، فَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْإِجَابَةِ، وَمَنْ أَدْمَنَ قَرَعَ الْبَابَ، يُوشِكُ أَنْ يُفْتَحَ لَهُ. وَفِي " صَحِيحِ الْحَاكِمِ " عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: «لَا تَعْجِزُوا عَنِ الدُّعَاءِ، فَإِنَّهُ لَنْ يَهْلِكَ مَعَ الدُّعَاءِ أَحَدٌ» .
وَمِنْ أَهَمِّ مَا يَسْأَلُ الْعَبْدُ رَبَّهُ مَغْفِرَةَ ذُنُوبِهِ، أَوْ مَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ كَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ، وَدُخُولِ الْجَنَّةِ، وَقَدْ «قَالَ الِنَبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ» يَعْنِي: حَوْلَ سُؤَالِ الْجَنَّةِ وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ. قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ: مَا عُرِضَتْ لِي دَعْوَةٌ فَذَكَرْتُ النَّارَ إِلَّا صَرَفْتُهَا إِلَى الِاسْتِعَاذَةِ مِنْهَا. وَمِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِعَبْدِهِ أَنَّ الْعَبْدَ يَدْعُوهُ بِحَاجَةٍ مِنَ الدُّنْيَا، فَيَصْرِفُهَا عَنْهُ، وَيُعَوِّضُهُ خَيْرًا مِنْهَا، إِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ بِذَلِكَ سُوءًا، أَوْ أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ يَغْفِرَ لَهُ بِهَا ذَنْبًا، كَمَا فِي " الْمُسْنَدِ " وَ " التِّرْمِذِيِّ " مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْعُو بِدُعَاءٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ مَا سَأَلَ أَوْ كَفَّ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهُ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ» . وَفِي " الْمُسْنَدِ " وَ " صَحِيحِ الْحَاكِمِ " عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إِثْمٌ أَوْ قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَكْشِفَ