السَّاعَةِ أَنْ يُوضَعَ الْأَخْيَارُ، وَيُرْفَعَ الْأَشْرَارُ» ". وَفِي قَوْلِهِ: " يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ " دَلِيلٌ عَلَى ذَمِّ التَّبَاهِي وَالتَّفَاخُرِ خُصُوصًا بِالتَّطَاوُلِ فِي الْبُنْيَانِ، وَلَمْ يَكُنْ إِطَالَةُ الْبِنَاءِ مَعْرُوفًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، بَلْ كَانَ بُنْيَانُهُمْ قَصِيرًا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، رَوَى أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ، حَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ» خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فَرَأَى قُبَّةً مُشْرِفَةً، فَقَالَ " مَا هَذِهِ "؟ قَالُوا: هَذِهِ لِفُلَانٍ، رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَجَاءَ صَاحِبُهَا، فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا، فَهَدَمَهَا الرَّجُلُ.» وَخَرَّجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا، وَعِنْدَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ بِنَاءٍ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ هَكَذَا عَلَى رَأْسِهِ - أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، فَهُوَ وَبَالٌ.» وَقَالَ حُرَيْثُ بْنُ السَّائِبِ عَنِ الْحَسَنِ: كُنْتُ أَدْخُلُ بُيُوتَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَتَنَاوَلُ سَقْفَهَا بِيَدِي. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ: لَا تُطِيلُوا بِنَاءَكُمْ فَإِنَّهُ شَرُّ أَيَّامِكُمْ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ: قَالَ حُذَيْفَةُ لِسَلْمَانَ: أَلَّا نَبْنِيَ لَكَ مَسْكَنًا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لِمَ تَجْعَلُنِي مَلِكًا؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ نَبْنِي لَكَ بَيْتًا مِنْ قَصَبٍ وَنَسْقُفُهُ بِالْبَوَارِي، إِذَا قُمْتَ كَادَ أَنْ يُصِيبَ رَأْسَكَ، وَإِذَا نِمْتَ كَادَ أَنْ يَمَسَّ طَرَفَيْكَ، قَالَ: كَأَنَّكَ كُنْتَ فِي نَفْسِي