حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، «عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ جَسَدِي، وَقَالَ: اعْبُدِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، وَكُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» . وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ أَدْرَكَ ابْنَ عُمَرَ، وَاخْتُلِفَ فِي سَمَاعِهِ مِنْهُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي قِصَرِ الْأَمَلِ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ الدُّنْيَا وَطَنًا وَمَسْكَنًا، فَيَطْمَئِنَّ فِيهَا، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهَا كَأَنَّهُ عَلَى جَنَاحِ سَفَرٍ: يُهَيِّئُ جِهَازَهُ لِلرَّحِيلِ. وَقَدِ اتَّفَقَتْ عَلَى ذَلِكَ وَصَايَا الْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ، قَالَ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ أَنَّهُ قَالَ: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر: 39] [غَافِرٍ: 39] . «وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا لِي وَلِلدُّنْيَا إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رَاكِبٍ قَالَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا» . «وَمِنْ وَصَايَا الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَصْحَابِهِ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ: اعْبُرُوهَا وَلَا تَعْمُرُوهَا» ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ ذَا الَّذِي يَبْنِي عَلَى مَوْجِ الْبَحْرِ دَارًا، تِلْكُمُ الدُّنْيَا، فَلَا تَتَّخِذُوهَا قَرَارًا» . وَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى أَبِي ذَرٍّ، فَجَعَلَ يُقَلِّبُ بَصَرَهُ فِي بَيْتِهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، أَيْنَ مَتَاعُكُمْ؟ قَالَ: إِنَّ لَنَا بَيْتًا نُوَجِّهُ إِلَيْهِ، قَالَ: إِنَّهُ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ مَتَاعٍ مَا دُمْتَ هَاهُنَا، قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ لَا يَدَعُنَا فِيهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015