الْمُؤْمِنِ، فَأَمَّا الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمِ السَّلَامُ، فَلَا يُقْبَضُونَ حَتَّى يُخَيَّرُوا. قَالَ الْحَسَنُ: لَمَّا كَرِهَتِ الْأَنْبِيَاءُ الْمَوْتَ، هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِلِقَاءِ اللَّهِ، وَبِكُلِّ مَا أَحَبُّوا مِنْ تُحْفَةٍ وَكَرَامَةٍ حَتَّى إِنَّ نَفْسَ أَحَدِهِمْ تُنْزَعُ مِنْ بَيْنِ جَنْبَيْهِ وَهُوَ يُحِبُّ ذَلِكَ لِمَا قَدْ مُثِّلَ لَهُ. وَقَدْ «قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا أَغْبِطُ أَحَدًا يُهَوِّنُ اللَّهُ عَلَيْهِ الْمَوْتَ بَعْدَ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ شِدَّةِ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: كَانَتْ عِنْدَهُ قَدَحٌ مِنْ مَاءٍ، فَيُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْقَدَحِ، ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ قَالَتْ: وَجَعَلَ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ لِلْمَوْتِ لَسَكَرَاتٍ» . وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَأْخُذُ الرُّوحَ مِنْ بَيْنِ الْعَصَبِ وَالْقَصَبِ وَالْأَنَامِلِ، اللَّهُمَّ فَأَعِنِّي عَلَى الْمَوْتِ وَهَوِّنْهُ عَلَيَّ» . وَقَدْ كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَجْتَهِدَ عِنْدَ الْمَوْتِ، كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا أُحِبُّ أَنْ تُهَوَّنَ عَلَيَّ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ، إِنَّهُ لَآخِرُ مَا يُكَفَّرُ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنِ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُجْهَدُوا عِنْدَ الْمَوْتِ. وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخْشَى مِنْ تَشْدِيدِ الْمَوْتِ أَنْ يُفْتَنَ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُهَوِّنَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَوْتَ هَوَّنَهُ عَلَيْهِ. وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، بُشِّرَ بِرِضْوَانٍ مِنَ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015