إِلَّا الْخَمْسَ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34] الْآيَةَ» . وَخَرَّجَ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: أُوتِيَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَفَاتِيحَ كُلِّ شَيْءٍ غَيْرَ خَمْسٍ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34] الْآيَةَ. قَوْلُهُ: «فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا» . يَعْنِي: عَنْ عَلَامَاتِهَا الَّتِي تَدُلُّ عَلَى اقْتِرَابِهَا، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا،» وَهِيَ عَلَامَاتُهَا أَيْضًا. وَقَدْ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسَّاعَةِ عَلَامَتَيْنِ: الْأُولَى: " «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا» " وَالْمُرَادُ بِرَبَّتِهَا سَيِّدَتُهَا وَمَالِكَتُهَا، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ " رَبَّهَا " وَهَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى فَتْحِ الْبِلَادِ، وَكَثْرَةِ جَلْبِ الرَّقِيقِ حَتَّى تَكْثُرَ السِّرَارِيُّ، وَيَكْثُرَ أَوْلَادُهُنَّ، فَتَكُونُ الْأَمَةُ رَقِيقَةً لِسَيِّدِهَا وَأَوْلَادُهُ مِنْهَا بِمَنْزِلَتِهِ، فَإِنَّ وَلَدَ السَّيِّدِ بِمَنْزِلَةِ السَّيِّدِ، فَيَصِيرُ وَلَدُ الْأَمَةِ بِمَنْزِلَةِ رَبِّهَا وَسَيِّدِهَا. وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إِنَّمَا تُعْتَقُ عَلَى وَلَدِهَا مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ مِيرَاثِ وَالِدِهِ، وَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إِلَى أَوْلَادِهَا بِالْمِيرَاثِ، فَتُعْتَقُ عَلَيْهِمْ وَإِنَّهَا قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهَا تُبَاعُ، قَالَ: وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ. قُلْتُ: قَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ، وَأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تُبَاعُ وَأَنَّهَا تُعْتَقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ وَلَدَ الْأَمَةِ رَبَّهَا، فَكَأَنَّ وَلَدَهَا هُوَ الَّذِي أَعْتَقَهَا فَصَارَ عِتْقُهَا مَنْسُوبًا إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ سَبَبُ عِتْقِهَا، فَصَارَ كَأَنَّهُ مَوْلَاهَا. وَهَذَا كَمَا رُوِيَ عَنِ «النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي أُمِّ وَلَدِهِ مَارِيَّةَ لَمَّا وَلَدَتْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ