نَقُولُ: هَذَا مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ مَنْ عَمِلَ حَسَنَةً، كُتِبَتْ لَهُ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ هَذِهِ الْأَمْثَالِ جَزَاءً لِلْهَمِّ بِالْحَسَنَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «أَوْ مَحَاهَا اللَّهُ» يَعْنِي أَنَّ عَمَلَ السَّيِّئَةِ إِمَّا أَنْ تُكْتَبَ لِعَامِلِهَا سَيِّئَةً وَاحِدَةً، أَوْ يَمْحُوَهَا اللَّهُ بِمَا شَاءَ مِنَ الْأَسْبَابِ، كَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَعَمَلِ الْحَسَنَاتِ. وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ فِيمَا تُمْحَى بِهِ السَّيِّئَاتُ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا» . وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: «وَلَا يَهْلِكُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا هَالَكٌ» : يَعْنِي بَعْدَ هَذَا الْفَضْلِ الْعَظِيمِ مِنَ اللَّهِ، وَالرَّحْمَةِ الْوَاسِعَةِ مِنْهُ بِمُضَاعَفَةِ الْحَسَنَاتِ، وَالتَّجَاوُزِ عَنِ السَّيِّئَاتِ، يَهْلِكُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا مَنْ هَلَكَ، وَأَلْقَى بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَتَجَرَّأَ عَلَى السَّيِّئَاتِ، وَرَغِبَ عَنِ الْحَسَنَاتِ، وَأَعْرَضَ عَنْهَا. وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَيْلٌ لِمَنْ غَلَبَ وُحْدَانُهُ عَشَرَاتِهِ. وَرَوَى الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَرْفُوعًا: «هَلَكَ مَنْ غَلَبَ وَاحِدُهُ عَشْرًا» . وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَلَّتَانِ لَا يُحْصِيهِمَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهُمَا يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ: تُسَبِّحُ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَتَحْمَدُهُ عَشْرًا، وَتُكَبِّرُهُ عَشْرًا، قَالَ: فَتِلْكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٍ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015