فَلَمْ يَعْمَلْهَا، فَعَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ قَدْ أَشْعَرَهَا قَلْبَهُ، وَحَرِصَ عَلَيْهَا، كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ، وَمِنْ عَمَلِهَا كُتِبَتْ لَهُ وَاحِدَةً، وَلَمْ تُضَاعَفْ عَلَيْهِ، وَمَنْ عَمِلَ حَسَنَةً كَانَتْ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَمَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كَانَتْ لَهُ بِسَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ» . وَفِي الْمَعْنَى أَحَادِيثُ أُخَرَ مُتَعَدِّدَةٌ. فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ النُّصُوصُ كِتَابَةَ الْحَسَنَاتِ، وَالسَّيِّئَاتِ، وَالْهَمُّ بِالْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: عَمَلُ الْحَسَنَاتِ، فَتُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمُضَاعَفَةُ الْحَسَنَةِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَازِمٌ لِكُلِّ الْحَسَنَاتِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] [الْأَنْعَامِ: 160] . وَأَمَّا زِيَادَةُ الْمُضَاعَفَةِ عَلَى الْعَشْرِ لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُضَاعِفَ لَهُ، فَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261] [الْبَقَرَةِ: 261] ، فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تُضَاعَفُ بِسَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ. وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ: لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُمِائَةِ نَاقَةٍ» . وَفِي " الْمُسْنَدِ " بِإِسْنَادٍ فِيهِ نَظَرٌ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبِسَبْعِمِائَةٍ، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، وَعِيَالِهِ، أَوْ عَادَ مَرِيضًا، أَوْ مَازَ أَذًى، فَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015