وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَحْلِبُ لِلْحَيِّ أَغْنَامَهُمْ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ، قَالَتْ جَارِيَةٌ مِنْهُمْ: الْآنَ لَا يَحْلِبُهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يُغَيِّرَنِي مَا دَخَلْتُ فِيهِ عَنْ شَيْءٍ كُنْتُ أَفْعَلُهُ، أَوْ كَمَا قَالَ.

وَإِنَّمَا كَانُوا يَقُومُونَ بِالْحِلَابِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ لَا تَحْلِبُ النِّسَاءُ مِنْهُمْ، وَكَانُوا يَسْتَقْبِحُونَ ذَلِكَ، فَكَانَ الرِّجَالُ إِذَا غَابُوا، احْتَاجَ النِّسَاءُ إِلَى مَنْ يَحْلِبُ لَهُنَّ. وَقَدْ رُوِيَ «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمٍ: لَا تَسْقُونِي حَلْبَ امْرَأَةٍ» .

وَكَانَ عُمَرُ يَتَعَاهَدُ الْأَرَامِلَ يَسْتَقِي لَهُنَّ الْمَاءَ بِاللَّيْلِ، وَرَآهُ طَلْحَةُ بِاللَّيْلِ يَدْخُلُ بَيْتَ امْرَأَةٍ، فَدَخَلَ إِلَيْهَا طَلْحَةُ نَهَارًا، فَإِذَا هِيَ عَجُوزٌ عَمْيَاءُ مُقْعَدَةٌ، فَسَأَلَهَا: مَا يَصْنَعُ هَذَا الرَّجُلُ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: هَذَا مُذْ كَذَا وَكَذَا يَتَعَاهَدْنِي يَأْتِينِي بِمَا يُصْلِحُنِي، وَيُخْرِجُ عَنِّي الْأَذَى، فَقَالَ طَلْحَةُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ طَلْحَةُ، عَثَرَاتِ عُمَرَ تَتْبَعُ؟ !

وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ يَطُوفُ عَلَى نِسَاءِ الْحَيِّ وَعَجَائِزِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ، فَيَشْتَرِي لَهُنَّ حَوَائِجَهُنَّ وَمَا يُصْلِحُهُنَّ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي السَّفَرِ لِأَخْدُمَهُ، فَكَانَ يَخْدِمُنِي.

وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّالِحِينَ يَشْتَرِطُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي السَّفَرِ أَنْ يَخْدِمَهُمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015