وَقَدْ فَسَّرَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمَثَلَ الْأَعْلَى الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الروم: 27] (الرُّومِ: 27) بِهَذَا الْمَعْنَى، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} [النور: 35] (النُّورِ: 35) ، وَالْمُرَادُ: مَثَلُ نُورِهِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ، كَذَا قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ. وَقَدْ سَبَقَ حَدِيثُ " «أَفْضَلُ الْإِيمَانِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ مَعَكَ حَيْثُ كُنْتَ» " وَحَدِيثُ: «مَا تَزْكِيَةُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ؟ ، قَالَ: " أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ» ". وَخَرَّجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: رَجُلٌ حَيْثُ تَوَجَّهَ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ مَعَهُ» ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] (الْبَقَرَةِ: 186) وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] وَقَوْلِهِ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7] (الْمُجَادَلَةِ: 7) وَقَوْلِهِ: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس: 61] (يُونُسَ: 61) وَقَوْلِهِ: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16] (ق: 16) . وَقَوْلِهِ: {وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} [النساء: 108] (النِّسَاءِ: 108) . وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِالنَّدْبِ إِلَى اسْتِحْضَارِ هَذَا الْقُرْبِ فِي حَالِ الْعِبَادَاتِ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي، فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ، أَوْ رَبُّهُ بَيْنَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015