وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَكْذِبُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ» . هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10] [الْحُجُرَاتِ: 10] ، فَإِذَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةً، أُمِرُوا فِيمَا بَيْنَهُمَا بِمَا يُوجِبُ تَآلُفَ الْقُلُوبِ وَاجْتِمَاعَهَا، وَنُهُوا عَمَّا يُوجِبُ تَنَافُرَ الْقُلُوبِ وَاخْتِلَافَهَا، وَهَذَا مِنْ ذَلِكَ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَخَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُوصِلَ لِأَخِيهِ النَّفْعَ، وَيَكُفَّ عَنْهُ الضَّرَرَ، وَمِنْ أَعْظَمِ الضُّرِّ الَّذِي يَجِبُ كَفُّهُ عَنِ الْأَخِ الْمُسْلِمِ الظُّلْمُ، وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمِ، بَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ، وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى الظُّلْمِ مُسْتَوْفًى عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الْإِلَهِيِّ: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا» .

وَمِنْ ذَلِكَ: خِذْلَانُ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ مَأْمُورٌ أَنْ يَنْصُرَ أَخَاهُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ، فَذَلِكَ نَصْرُكَ إِيَّاهُ» . خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ بِمَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَخَرَّجَهُ مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015