وَلِهَذَا الْمَعْنَى حَرَّمَ الْمَشْيَ بِالنَّمِيمَةِ، لِمَا فِيهَا مِنْ إِيقَاعِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ، وَرَخَّصَ فِي الْكَذِبِ فِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَرَغَّبَ اللَّهُ فِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114] [النِّسَاءِ: 114] ، وَقَالَ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] [الْحُجُرَاتِ: 9] ، وَقَالَ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1] [الْأَنْفَالِ: 1] .
وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلِ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ؛ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ» .
وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَلَا أُنْبِئُكُمْ بِشِرَارِكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ، الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ، الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَنَتِ» .
وَأَمَّا الْبُغْضُ فِي اللَّهِ، فَهُوَ مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الْإِيمَانِ، وَلَيْسَ دَاخِلًا فِي النَّهْيِ، وَلَوْ ظَهَرَ لِرَجُلٍ مِنْ أَخِيهِ شَرٌّ، فَأَبْغَضَهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ الرَّجُلُ مَعْذُورًا فِيهِ فِي نَفْسِ