وَخَرَّجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ حَضَرَ مَعْصِيَةً فَكَرِهَهَا، فَكَأَنَّهُ غَابَ عَنْهَا، وَمَنْ غَابَ عَنْهَا، فَأَحَبَّهَا، فَكَأَنَّهُ حَضَرُهَا» وَهَذَا مِثْلُ الَّذِي قَبْلَهُ.
فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْإِنْكَارَ بِالْقَلْبِ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ. فِي كُلِّ حَالٍ، وَأَمَّا الْإِنْكَارُ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ فَبِحَسَبِ الْقُدْرَةِ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي، ثُمَّ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا فَلَا يُغَيِّرُوا، إِلَّا يُوشِكُ اللَّهُ أَنْ يَعُمَّهُمْ بِعِقَابٍ» خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَقَالَ: قَالَ شُعْبَةُ فِيهِ: «مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي هُمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَعْمَلُهُ» .
وَخَرَّجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَكُونُ فِي قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي، يَقْدِرُونَ أَنْ يُغَيِّرُوا عَلَيْهِ فَلَا يُغَيِّرُونَ، إِلَّا أَصَابَهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ قَبْلَ أَنْ يَمُوتُوا» .
وَخَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَلَفْظُهُ: «مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي هُمْ أَعَزُّ وَأَكْثَرُ مِمَّنْ يَعْمَلُهُ، فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ، إِلَّا عَمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ» .
وَخَرَّجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ عُمَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ حَتَّى يَرَوُا الْمُنْكِرَ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ وَهُمْ