وَأَمَّا الْمِلْحُ فَلَعَلَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَنْعِ أَخْذِهِ مِنَ الْمَعَادِنِ الْمُبَاحَةِ، فَإِنَّ الْمِلْحَ مِنَ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ، لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَلَا بِالْإِقْطَاعِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَفِي " سُنَنِ أَبِي دُوَادَ " «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ رَجُلًا الْمِلْحَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ الْعِدِّ، فَانْتَزَعَهُ مِنْهُ» .

وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا ضَرَرَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّفْ عِبَادَهُ فِعْلَ مَا يَضُرُّهُمْ أَلْبَتَّةَ، فَإِنَّ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ هُوَ عَيْنُ صَلَاحِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ هُوَ عَيْنُ فَسَادِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، لَكِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ عِبَادَهُ بِشَيْءٍ هُوَ ضَارٌّ لَهُمْ فِي أَبْدَانِهِمْ أَيْضًا، وَلِهَذَا أَسْقَطَ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ عَنِ الْمَرِيضِ، وَقَالَ: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6] [الْمَائِدَةِ: 6] ، وَأَسْقَطَ الصِّيَامَ عَنِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَقَالَ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] [الْبَقَرَةِ: 185] ، وَأَسْقَطَ اجْتِنَابَ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ، كَالْحَلْقِ وَنَحْوِهِ عَمَّنْ كَانَ مَرِيضًا، أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ، وَأَمَرَ بِالْفِدْيَةِ. وَفِي " الْمُسْنَدِ " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَدْيَانِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ» . وَمِنْ حَدِيثِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015