قَالَ: لَا يَمْنَعُ أُمَّهُ أَنْ تُرْضِعَهُ لِيُحْزِنَهَا، وَقَالَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ وَسُفْيَانُ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُهُمْ: إِذَا رَضِيَتْ مَا يَرْضَى بِهِ غَيْرُهَا، فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَلَوْ كَانَتِ الْأُمُّ فِي حِبَالِ الزَّوْجِ. وَقِيلَ: إِنْ كَانَتْ فِي حِبَالِ الزَّوْجِ، فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إِرْضَاعِهِ، إِلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ ارْتِضَاعُهُ مِنْ غَيْرِهَا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا، لَكِنَّ إِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ قَصْدُ الزَّوْجِ بِهِ تَوْفِيرَ الزَّوْجَةِ لِلِاسْتِمْتَاعِ، لَا مُجَرَّدِ إِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَيْهَا.
وَقَوْلُهُ: {وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [البقرة: 233] [الْبَقَرَةِ: 233] ، يُدْخِلُ فِيهِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ إِذَا طَلَبَتْ إِرْضَاعَ وَلَدَهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا، لَزِمَ الْأَبَ إِجَابَتُهَا إِلَى ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ وُجِدَ غَيْرُهَا أَوْ لَمْ يُوجَدْ. هَذَا مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَإِنْ طَلَبَتْ زِيَادَةً عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهَا زِيَادَةً كَثِيرَةً، وَوَجَدَ الْأَبُ مَنْ يُرْضِعُهُ بِأُجْرَةٍ الْمِثْلِ، لَمْ يَلْزَمِ الْأَبَ إِجَابَتُهَا إِلَى مَا طَلَبَتْ، لِأَنَّهَا تَقْصِدُ الْمُضَارَّةَ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَمِنْهَا فِي الْبَيْعِ قَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّ، خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ