وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِأَصْحَابِهِ: أَنْتُمْ أَكْثَرُ صَوْمًا وَصَلَاةً وَجِهَادًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ كَانُوا خَيْرًا مِنْكُمْ، قَالُوا: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: كَانُوا أَزْهَدَ مِنْكُمْ فِي الدُّنْيَا، وَأَرْغَبَ مِنْكُمْ فِي الْآخِرَةِ.
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: لَئِنْ حَلَفْتُمْ لِي عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَزْهَدُكُمْ، لَأَحْلِفَنَّ لَكُمْ أَنَّهُ خَيْرُكُمْ. وَيُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ خَيْرُنَا؟ قَالَ: أَزْهَدُكُمْ فِي الدُّنْيَا، وَأَرْغَبُكُمْ فِي الْآخِرَةِ» وَالْكَلَامُ فِي هَذَا الْبَابِ يَطُولُ جَدًّا. وَفِيمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ كِفَايَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ: الزُّهْدُ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَأَنَّهُ مُوجِبٌ لِمَحَبَّةِ النَّاسِ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «وَصَّى رَجُلًا، فَقَالَ: ايْأَسْ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ تَكُنْ غَنِيًّا» خَرَّجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَيُرْوَى مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مَرْفُوعًا: «شَرَفُ الْمُؤْمِنِ قِيَامُهُ بِاللَّيْلِ، وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ» .
وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا تَزَالُ كَرِيمًا عَلَى النَّاسِ، أَوْ لَا يَزَالُ النَّاسُ يُكْرِمُونَكَ مَا لَمْ