مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَاهُنَا نُكْتَةً جَامِعَةً لِأُصُولٍ كَثِيرَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا، وَفِيهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - كِفَايَةٌ. فَصْلٌ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَعْمَالَ تَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْإِسْلَامِ وَمُسَمَّى الْإِيمَانِ أَيْضًا، وَذَكَرْنَا مَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ الظَّاهِرَةِ، وَيَدْخُلُ فِي مُسَمَّاهَا أَيْضًا أَعْمَالُ الْجَوَارِحِ الْبَاطِنَةِ. فَيَدْخُلُ فِي أَعْمَالِ الْإِسْلَامِ إِخْلَاصُ الدِّينِ لِلَّهِ، وَالنُّصْحُ لَهُ وَلِعِبَادِهِ، وَسَلَامَةُ الْقَلْبِ لَهُمْ مِنَ الْغِشِّ وَالْحَسَدِ وَالْحِقْدِ، وَتَوَابِعِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَذَى. وَيَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ وَجَلُ الْقُلُوبِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَخُشُوعُهَا عِنْدَ سَمَاعِ ذِكْرِهِ وَكِتَابِهِ، وَزِيَادَةُ الْإِيمَانِ بِذَلِكَ، وَتَحْقِيقُ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ، وَخَوْفُ اللَّهِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً، وَالرِّضَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا، وَاخْتِيَارُ تَلَفِ النُّفُوسِ بِأَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْآلَامِ عَلَى الْكُفْرِ، وَاسْتِشْعَارُ قُرْبِ اللَّهِ مِنَ الْعَبْدِ، وَدَوَامُ اسْتِحْضَارِهِ، وَإِيثَارُ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَى مَحَبَّةِ مَا سِوَاهُمَا، وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِيهِ، وَالْعَطَاءُ، لَهُ وَالْمَنْعُ لَهُ، وَأَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ لَهُ، وَسَمَاحَةُ النُّفُوسِ بِالطَّاعَةِ الْمَالِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ، وَالِاسْتِبْشَارُ بِعَمَلِ الْحَسَنَاتِ، وَالْفَرَحُ بِهَا، وَالْمَسَاءَةُ بِعَمَلِ السَّيِّئَاتِ وَالْحُزْنُ عَلَيْهَا، وَإِيثَارُ الْمُؤْمِنِينَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَكَثْرَةُ الْحَيَاءِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ، وَمَحَبَّةُ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ لِإِخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمُوَاسَاةُ الْمُؤْمِنِينَ، خُصُوصًا الْجِيرَانَ، وَمُعَاضَدَةُ الْمُؤْمِنِينَ، وَمُنَاصَرَتُهُمْ، وَالْحُزْنُ بِمَا يُحْزِنُهُمْ. وَلْنَذْكُرْ بَعْضَ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ بِذَلِكَ: فَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي دُخُولِهِ فِي اسْمِ الْإِسْلَامِ، فَفِي " مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ "