وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَضْلُ صَلَاةِ اللَّيْلِ عَلَى صَلَاةِ النَّهَارِ كَفَضْلِ صَدَقَةِ السِّرِّ عَلَى صَدَقَةِ الْعَلَانِيَةِ. وَخَرَّجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْهُ مَرْفُوعًا وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ صَدَقَةَ السِّرِ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ، وَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، فَكَذَلِكَ صَلَاةُ اللَّيْلِ.
وَقَوْلُهُ: " «ثُمَّ تَلَا {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ - فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 16 - 17] [السَّجْدَةِ: 16 - 17] » يَعْنِي: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ عِنْدَ ذِكْرِهِ فَضْلَ صَلَاةِ اللَّيْلِ، لِيُبَيِّنَ بِذَلِكَ فَضْلَ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي انْتِظَارِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ، خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ بِلَالٍ، وَخَرَّجَهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.
وَكُلُّ هَذَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ لَفْظِ الْآيَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ مَدَحَ الَّذِينَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ لِدُعَائِهِ، فَيَشْمَلُ ذَلِكَ كُلَّ مَنْ تَرَكَ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ لِذِكْرِ اللَّهِ وَدُعَائِهِ،