قَوْلُهُ: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» تَحْذِيرٌ لِلْأَمَةِ مِنَ اتِّبَاعِ الْأُمُورِ الْمُحْدَثَةِ الْمُبْتَدَعَةِ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْبِدْعَةِ: مَا أُحْدِثَ مِمَّا لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرِيعَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَأَمَّا مَا كَانَ لَهُ أَصْلٌ مِنَ الشَّرْعِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ بِبِدْعَةٍ شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ بِدْعَةً لُغَةً، وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» .

وَخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ - وَفِيهِ ضَعْفٌ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً ضَلَالَةً لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا» .

وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ الثُّمَالِي قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، فَقَالَ: إِنَّا قَدْ جَمَعْنَا النَّاسَ عَلَى أَمْرَيْنِ: رَفْعِ الْأَيْدِي عَلَى الْمَنَابِرِ يَوْمَ الْجُمُعَةَ، وَالْقَصَصِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُمَا أَمْثَلُ بِدْعَتِكُمْ عِنْدِي، وَلَسْتُ بِمُجِيبِكُمْ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلَّا رُفِعَ مِثْلُهَا مِنَ السُّنَّةِ» فَتَمَسُّكٌ بِسُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ إِحْدَاثِ بِدَعَةٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015