شَرْطِ مُسْلِمٍ، لِأَنَّهُ خَرَّجَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِعَيْنِهِ حَدِيثًا، لَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَعْلُولٌ، فَإِنَّهُ رَوَاهُ بُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِنْ قَوْلِهِ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَهُوَ أَصَحُّ.
وَرَوَى يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا حُدِّثْتُمْ عَنِّي حَدِيثًا تَعْرِفُونَهُ، وَلَا تُنْكِرُونَهُ، فَصَدِّقُوا بِهِ، فَإِنِّي أَقُولُ مَا يُعْرَفُ وَلَا يُنْكَرُ، وَإِذَا حُدِّثْتُمْ عَنِّي حَدِيثًا تُنْكِرُونَهُ وَلَا تَعْرِفُونَهُ، فَلَا تُصَدِّقُوا بِهِ، فَإِنِّي لَا أَقُولُ مَا يُنْكَرُ وَلَا يُعْرَفُ» ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعْلُولٌ أَيْضًا، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَرَوَاهُ الْحُفَّاظُ عَنْهُ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا، وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ، مِنْهُمُ ابْنُ مَعِينٍ وَالْبُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ يُثْبِتُ وَصْلَهُ.
وَإِنَّمَا تُحْمَلُ مِثْلُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ - عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا - عَلَى مَعْرِفَةِ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْجَهَابِذَةِ النُّقَّادِ، الَّذِينَ كَثُرَتْ مُمَارَسَتُهُمْ لِكَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِكَلَامِ غَيْرِهِ، وَلِحَالِ رُوَاةِ الْأَحَادِيثِ، وَنَقَلَةِ الْأَخْبَارِ، وَمَعْرِفَتِهِمْ بِصِدْقِهِمْ وَكَذِبِهِمْ وَحِفْظِهِمْ وَضَبْطِهِمْ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَهُمْ نَقْدٌ خَاصٌّ فِي الْحَدِيثِ يَخْتَصُّونَ بِمَعْرِفَتِهِ، كَمَا يَخْتَصُّ الصَّيْرَفِيُّ الْحَاذِقُ بِمَعْرِفَةِ النُّقُودِ جَيِّدِهَا وَرَدِيئِهَا، وَخَالَصِهَا