قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ لَا أَدْعَ شَيْئًا مِنَ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ إِلَّا سَأَلْتُ عَنْهُ، فَقَالَ لِي: ادْنُ يَا وَابِصَةُ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، حَتَّى مَسَّتْ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ، فَقَالَ: يَا وَابِصَةُ أُخْبِرُكَ مَا جِئْتَ تَسْأَلُ عَنْهُ أَوْ تَسْأَلُنِي؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي، قَالَ: جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ قُلْتُ: نَعَمْ، فَجَمَعَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهَا فِي صَدْرِي، وَيَقُولُ: يَا وَابِصَةُ، اسْتَفْتِ نَفْسَكَ، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ: مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ» . وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الزُّبَيْرَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَيُّوبَ، وَقَالَ: وَحَدَّثَنِي جُلَسَاؤُهُ، وَقَدْ رَأَيْتُهُ، فَفِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ أَمْرَانِ يُوجِبُ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَعْفَهُ: أَحَدُهُمَا: انْقِطَاعُهُ بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَأَيُّوبَ، فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ قَوْمٍ لَمْ يَسْمَعْهُمْ.

وَالثَّانِي: ضَعْفُ الزُّبَيْرِ هَذَا، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَوَى أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ أَيْضًا، لَكِنَّهُ سَمَّاهُ أَيُّوبَ بْنَ عَبْدِ السَّلَامِ، فَأَخْطَأَ فِي اسْمِهِ، وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ عَنْ وَابِصَةَ خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ وَابِصَةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا، وَلَفْظُهُ: قَالَ: «الْبِرُّ مَا انْشَرَحَ لَهُ صَدْرُكَ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ، وَإِنْ أَفْتَاكَ عَنْهُ النَّاسُ» .

وَالسُّلَمِيُّ هَذَا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: هُوَ مَجْهُولٌ.

وَخَرَّجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَعِنْدَهُمَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ، وَقَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا سَمَّاهُ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ سُمِّيَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مُحَمَّدًا. قَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْحَافِظُ: لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبُ، لَمَا دَفَعْتُ ذَلِكَ، وَالْمَصْلُوبُ هَذَا صَلَبَهُ الْمَنْصُورُ فِي الزَّنْدَقَةِ، وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالْكَذِبِ وَالْوَضْعِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ وَابِصَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015