وَالتَّحْقِيقُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ، وَإِقْرَارُهُ، وَمَعْرِفَتُهُ، وَالْإِسْلَامُ: هُوَ اسْتِسْلَامُ الْعَبْدِ لِلَّهِ، وَخُضُوعُهُ، وَانْقِيَادُهُ لَهُ، وَذَلِكَ يَكُونُ بِالْعَمَلِ، وَهُوَ الدِّينُ، كَمَا سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الْإِسْلَامَ دِينًا، وَفِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ سَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ وَالْإِحْسَانَ دِينًا، وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَ الِاسْمَيْنِ إِذَا أُفْرِدَ دَخَلَ فِيهِ الْآخَرُ، وَإِنَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ قُرِنَ أَحَدُ الِاسْمَيْنِ بِالْآخَرِ. فَيَكُونُ حِينَئِذٍ الْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ: جِنْسَ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ، وَبِالْإِسْلَامِ جِنْسَ الْعَمَلِ. وَفِي " مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ " عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الْإِسْلَامُ عَلَانِيَةٌ، وَالْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ» . وَهَذَا لِأَنَّ الْأَعْمَالَ تَظْهَرُ عَلَانِيَةً، وَالتَّصْدِيقَ فِي الْقَلْبِ لَا يَظْهَرُ. «وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ إِذَا صَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ: " اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا، فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا، فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ» "، لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْجَوَارِحِ، إِنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ فِي الْحَيَاةِ، فَأَمَّا عِنْدَ الْمَوْتِ، فَلَا يَبْقَى غَيْرُ التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ. وَمِنْ هُنَا قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ: كُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ، فَإِنَّ مَنْ حَقَّقَ الْإِيمَانَ، وَرَسَخَ فِي قَلْبِهِ، قَامَ بِأَعْمَالِ الْإِسْلَامِ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا وَإِنَّ فِي