يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ» " إِنْ كَانَ الْمُرَادُ: مَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ مَأْمُورًا بِالْحَمْدِ لِلَّهِ عَلَى مَا وَجَدَهُ مِنْ جَزَاءِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّذِي عَجَّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا كَمَا قَالَ: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97] [النَّحْلِ: 97] ، وَيَكُونُ مَأْمُورًا بِلَوْمِ نَفْسِهِ عَلَى مَا فَعَلَتْ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي وَجَدَ عَاقِبَتَهَا فِي الدُّنْيَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [السجدة: 21] [السَّجْدَةِ: 21] ، فَالْمُؤْمِنُ إِذَا أَصَابَهُ فِي الدُّنْيَا بَلَاءٌ، رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ بِاللَّوْمِ، وَدَعَاهُ ذَلِكَ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَفِي " الْمُسْنَدِ " " وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَصَابَهُ سَقَمٌ، ثُمَّ عَافَاهُ اللَّهُ مِنْهُ، كَانَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ، وَمَوْعِظَةً لَهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ عُمُرِهِ، وَإِنَّ الْمُنَافِقَ إِذَا مَرِضَ وَعُوفِيَ، كَانَ كَالْبَعِيرِ عَقَلَهُ أَهْلُهُ وَأَطْلَقُوهُ، لَا يَدْرِي لِمَ عَقَلُوهُ وَلَا لِمَ أَطْلَقُوهُ» ". وَقَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ: إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيُبْتَلَى، فَيَكُونُ كَفَارَّةً لِمَا مَضَى وَمُسْتَعْتَبًا فِيمَا بَقِيَ، وَإِنَّ الْكَافِرَ يُبْتَلَى، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْبَعِيرِ أُطْلِقَ، فَلَمْ يَدْرِ لِمَ أُطْلِقَ، وَعُقِلَ فَلَمْ يَدْرِ لِمَ عُقِلَ؟ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مَنْ وَجَدَ خَيْرًا أَوْ غَيْرَهُ فِي الْآخِرَةِ، كَانَ إِخْبَارًا مِنْهُ بِأَنَّ الَّذِينَ يَجِدُونَ الْخَيْرَ فِي الْآخِرَةِ يَحْمَدُونَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّ مَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ يَلُومُ نَفْسَهُ حِينَ لَا يَنْفَعُهُ اللَّوْمُ، فَيَكُونُ الْكَلَامُ لَفْظَهُ لَفْظُ الْأَمْرِ، وَمَعْنَاهُ الْخَبَرَ، كَقَوْلِهِ