وَفِي " مُسْنَدِ الْبَزَّارِ " بِإِسْنَادٍ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «خَزَائِنُ اللَّهِ الْكَلَامُ، فَإِذَا أَرَادَ شَيْئًا، قَالَ لَهُ: كُنْ، فَكَانَ» " فَهُوَ سُبْحَانُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا مِنْ عَطَاءٍ أَوْ عَذَابٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ لَهُ: كُنْ، فَكَانَ، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْقُصَ هَذَا؟ وَكَذَلِكَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا، قَالَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ، كَمَا قَالَ: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59] [آلِ عِمْرَانَ: 59] . وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ: أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا مُوسَى، لَا تَخَافَنَّ غَيْرِي مَا دَامَ لِيَ السُّلْطَانُ، وَسُلْطَانِي دَائِمٌ لَا يَنْقَطِعُ، يَا مُوسَى، لَا تَهْتَمَّنَّ بِرِزْقِي أَبَدًا مَا دَامَتْ خَزَائِنِي مَمْلُوءَةً، وَخَزَائِنِي مَمْلُوءَةٌ لَا تَفْنَى أَبَدًا، يَا مُوسَى لَا تَأْنَسْ بِغَيْرِي مَا وَجَدْتَنِي أَنِيسًا لَكَ، وَمَتَى طَلَبْتَنِي وَجَدْتَنِي، يَا مُوسَى، لَا تَأْمَنْ مَكْرِي مَا لَمْ تَجُزِ الصِّرَاطَ إِلَى الْجَنَّةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
لَا تَخْضَعَنَّ لِمَخْلُوقٍ عَلَى طَمَعٍ ... فَإِنَّ ذَاكَ مُضِرٌّ مِنْكَ بِالدِّينِ
وَاسْتَرْزِقِ اللَّهَ مِمَّا فِي خَزَائِنِهِ ... فَإِنَّمَا هِيَ بَيْنَ الْكَافِ وَالنُّونِ
وَقَوْلُهُ: " «يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا» " يَعْنِي: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُحْصِي أَعْمَالَ عِبَادِهِ، ثُمَّ يُوَفِّيهِمْ إِيَّاهَا بِالْجَزَاءِ عَلَيْهَا، وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ - وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8] [الزَّلْزَلَةِ: 7 - 8] ، وَقَوْلِهِ: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49] [الْكَهْفِ: 49] ، وَقَوْلِهِ {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران: 30]