وَالْأَنْبِيَاءِ، وَالْكِتَابِ وَالْبَعْثِ، وَالْقَدَرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَفَاصِيلِ مَا أَخْبَرُوا بِهِ، مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَصِفَاتِ الْيَوْمِ الْآخِرِ كَالْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ، وَالْجَنَّةِ، وَالنَّارِ. وَقَدْ أَدْخَلَ فِي الْإِيمَانِ الْإِيمَانَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَلِأَجْلِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ رَوَى ابْنُ عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثَ مُحْتَجًّا بِهِ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الْقَدَرَ، وَزَعَمَ أَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ: يَعْنِي أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ لَمْ يَسْبِقْ بِهِ سَابِقُ قَدَرٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ غَلَّظَ ابْنُ عُمَرَ عَلَيْهِمْ وَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ أَعْمَالُهُمْ بِدُونِ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ. وَالْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ عَلَى دَرَجَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَبَقَ فِي عِلْمِهِ مَا يَعْمَلُهُ الْعِبَادُ مِنْ خَيْرٍ، وَشَرٍّ، وَطَاعَةٍ، وَمَعْصِيَةٍ، قَبْلَ خَلْقِهِمْ وَإِيجَادِهِمْ، وَمَنْ هُوَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ هُوَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَأَعَدَّ لَهُمُ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ جَزَاءً لِأَعْمَالِهِمْ قَبْلَ خَلْقِهِمْ وَتَكْوِينِهِمْ، وَأَنَّهُ كَتَبَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَأَحْصَاهُ، وَأَنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تَجْرِي عَلَى مَا سَبَقَ فِي عَمَلِهِ وَكِتَابِهِ. وَالدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ أَفْعَالَ الْعِبَادِ كُلَّهَا مِنَ الْكُفْرِ، وَالْإِيمَانِ، وَالطَّاعَةِ، وَالْعِصْيَانِ، وَشَاءَهَا مِنْهُمْ، فَهَذِهِ الدَّرَجَةُ يُثْبِتُهَا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَيُنْكِرُهَا الْقَدَرِيَّةُ، وَالدَّرَجَةُ الْأُولَى أَثْبَتَهَا كَثِيرٌ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ، وَنَفَاهَا غُلَاتُهُمْ، كَمَعْبَدٍ الْجَهْنَيِّ، الَّذِي سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ، عَنْ مَقَالَتِهِ، وَكَعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ: نَاظِرُوا الْقَدَرِيَّةَ بِالْعِلْمِ، فَإِنْ أَقَرُّوا بِهِ خُصِمُوا، وَإِنْ جَحَدُوهُ فَقَدْ كَفَرُوا، يُرِيدُونَ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ الْعِلْمَ الْقَدِيمَ السَّابِقَ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَّمَهُمْ قَبْلَ خَلْقِهِمْ إِلَى شَقِيٍّ وَسَعِيدٍ، وَكَتَبَ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي كِتَابٍ حَفِيظٍ، فَقَدْ كَذَّبَ بِالْقُرْآنِ، فَيَكْفُرُ بِذَلِكَ، وَإِنْ أَقَرُّوا بِذَلِكَ، وَأَنْكَرُوا أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ أَفْعَالَ عِبَادِهِ، وَشَاءَهَا، وَأَرَادَهَا مِنْهُمْ إِرَادَةً كَوْنِيَّةً قَدَرِيَّةً، فَقَدْ خُصِمُوا، لِأَنَّ مَا أَقَرُّوا بِهِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَنْكَرُوهُ. وَفِي تَكْفِيرِ هَؤُلَاءِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.