الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ «عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا صَلَّيْتُ الْمَكْتُوبَاتِ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلَالَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هَذَا الْحَدِيثُ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ قَالَ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا. وَخَرَّجَهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَأَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَالَ النُّعْمَانُ بْنُ قَوْقَلٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِذَا صَلَّيْتُ الْمَكْتُوبَةَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلَالَ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ» .
وَقَدْ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ تَحْلِيلَ الْحَلَالِ بِاعْتِقَادِ حِلِّهِ، وَتَحْرِيمَ الْحَرَامِ بِاعْتِقَادِ حُرْمَتِهِ مَعَ اجْتِنَابِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِتَحْلِيلِ الْحَلَالِ إِتْيَانُهُ، وَيَكُونُ الْحَلَالُ هَاهُنَا عِبَارَةً عَمَّا لَيْسَ بِحَرَامٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبُّ وَالْمُبَاحُ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَفْعَلُ مَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَتَعَدَّى مَا أُبِيحَ لَهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَيَجْتَنِبُ الْمُحَرَّمَاتِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ، مِنْهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة: 121] [الْبَقَرَةِ: 121] ، قَالُوا: يُحِلُّونَ حَلَالَهُ وَيُحَرِّمُونَ حَرَامَهُ، وَلَا يُحَرِّفُونَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ.