عُمَرَ الَّذِي خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ أَنَّهُ بَدَأَ بِالسُّؤَالِ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ بَدَأَ بِالسُّؤَالِ عَنِ الْإِيمَانِ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الْإِحْسَانِ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ. فَأَمَّا الْإِسْلَامُ، فَقَدْ فَسَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَعْمَالِ الْجَوَارِحِ الظَّاهِرَةِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَأَوَّلُ ذَلِكَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَهُوَ عَمَلُ اللِّسَانِ، ثُمَّ إِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ الْبَيْتِ لِمَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. وَهِيَ مُنْقَسِمَةٌ إِلَى عَمَلٍ بَدَنِيٍّ: كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَإِلَى عَمَلٍ مَالِيٍّ: وَهُوَ إِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَإِلَى مَا هُوَ مُرَكَّبٌ مِنْهُمَا، كَالْحَجِّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْبَعِيدِ عَنْ مَكَّةَ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ الِاعْتِمَارَ، وَالْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَإِتْمَامَ الْوُضُوءِ، وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَةِ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الْإِسْلَامِ. وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَاهُنَا أُصُولَ أَعْمَالِ الْإِسْلَامِ الَّتِي يَنْبَنِي عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَنَا مُسْلِمٌ؟» قَالَ: " نَعَمْ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ كَمَّلَ الْإِتْيَانَ بِمَبَانِي الْإِسْلَامِ الْخَمْسِ، صَارَ مُسْلِمًا حَقًّا، مَعَ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ، صَارَ مُسْلِمًا حُكْمًا، فَإِذَا دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ بِذَلِكَ، أُلْزِمَ بِالْقِيَامِ بِبَقِيَّةِ خِصَالِ الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَرَكَ الشَّهَادَتَيْنِ، خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَفِي خُرُوجِهِ مِنَ الْإِسْلَامِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَكَذَلِكَ فِي تَرْكِهِ بَقِيَّةَ مَبَانِي الْإِسْلَامِ الْخَمْسِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015